فيديو 3’14″
مونتاج: هشام بن خليفة
” اليوم المخصص لغسيل الأغطية (غسلان الفرش)، ابتدأ منذ الخامسة صباحا مع قدوم نساء الجيران تحملهنّ همسات و أصوات تعبر عن الفرح. رمين شباشيبهنّ البلاستيكية في الساحة بحركات تلقائية و لكنها جدّ مغرية ثمّ رفعن عقد أوشحتهنّ فوق رؤوسهنّ و شمّرن عن أكمامهنّ. و بينما وضعت البعض منهنّ أوانيهنّ في البهو، انهمكت الأخريات في انزال الأسطل في البئر لتعبئتها.
إن مشاهدة هكذا عرض ينسّقه غناء النساء و خرير المياه، يدعو زرافات من الاطفال – و قد كنت أحدهم- إلى اللعب بالمياه و تجاوز ما يكون عادة محظورا عليهم.
عندما يتم تغطيس الأغطية بالمياه المختلطة بالصابون، تلمع عيناي و أشرع في مماهاة الفتيات البالغات اللاتي يمسكن طرف ثوبهن بأيديهنّ لكي لا يبتلّ و يرفسن بأقدامهن على الصوف الصلب. و بالطبع، عندما كنت أبلغ من العمر 5 سنوات، لم أكن أهتم بالأهداف الحقيقية لهذا المهرجان و لكنني كنت أحاول أن أبتلّ و أغطس في المياه بكلّ شرعية حتى أفلت من عقاب أمي.
و هكذا، أسعى إلى القفز المتواصل في الأواني المليئة بالمياه و أترك ثوبي طليقا و آمل أن يبتل جيّدا و يصعد الماء في القماش حتى يصل لرأسي و كنت أحيانا أفتعل سقطة في قلب القصعة. عندما تنتبه أمي إلى أفعالي الصبيانية المتهورة، كانت تجري ورائي لتؤدّبني و كان بقية الأطفال يواصلون لهوهم بنسق لا ينقصه التنظيم.
ثمّ تأتي مرحلة الغسل الأخير بالماء النظيف و كانت تلك المرحلة بمثابة إيذان باقتراب نهاية هذا الحفل السنوي و كانت تعقبها مرحلة طرح الركائز بين الأشجار المثمرة في حقل جدي و وضع الأغطية التي يجب أن تجفّ طبيعيا فوق الرمل الأحمر.
ذكريات نائلة المهيري.